جدران صخرية باردة تحرس نزلاء مايوركا ، تمنحهم حركة مملة داخل عنابر ضيقة وقاعات صغيرة واطِئَة شبيهة بالاقفاص لكنها مفتوحة على السماء وعلى فضاء مدخله شبيه الى حد ما بهندسة السجن.
مايوركا لا تعبأ بضوضاء الشارع ولا مبالاة نزلائها المحاصرين بضجيج حياة ميتة.
هنا داخل الآقبية يفقد المريض آدميته مباشرة بعد دخوله اليه، تصبح صلته بالعالم الخارجي غير ذات اهمية ووجوده مجرد رقم في سجل يمنحه الحق في عزلة قد تكون مفتوحة تجبره على التحرر من ذاكرته والتصالح في مقابل ذلك مع مختلف مظاهر هديانه الدي جعله مسمى لاسم آخر فاقد لشخص كانه من قبل.
عالم مايوركا وان حرره من وضعية المنع التي لازمته في علاقته باسرته و بالمجتمع الذي حكم عليه بالجنون سيحرره اكثر من قيد العقل وصيرورة الزمن الاجتماعي. لم تعد الساعات والايام جديرة بالاهتمام، والاشياء في نظره ليس لها قيمة ولن تخضع للحكم والتمييز. اما الجسد نفسه فهو وعاء للاحساس بعبث ما ورغبة غامضة في الاستسلام للا جدوى وجوده وللممنوعات المشروعة ، حبات الفليوم ولفافات القنب الممزوج بالتبغ الاسود المقرف .كل الممنوعات مناحة داخل مايوركا مقابل بعض السنتيمات التي يجود بها الزوار.
ودعت مصطفى بعد اخر زيارة له . كان الوداع بطعم الاحتجاج الصامت من طرفه حين فاجاني بقوله بعد ان ابتعدت عنه خطوات قليلة ” خليتوني هنا ؟!..”
تركته في مايوركا لفترة بعد ان انفرط عقد الاسرة بوفاة والدي.
اسابيع قليلة بعد توديعه ساستضيف مصطفى في منزلي بوزان بعد ان استفبلنا مولودتنا البكر .
Leave a Comment